في التاريخ الحديث، احتل الصهاينة الأراضي الفلسطينية لتظهر إسرائيل على بوابة مصر الشرقية، وتستقطب اليهود من مختلف البقاع، حينها اتجهت الأنظار ناحية يهود مصر الذين كانوا يتمتعون بكثير من الامتيازات، خاصة في الحقبة الاستعمارية حيث اعتبرهم الإنجليز في عداد الأجانب الذين تسري عليهم الامتيازات الأجنبية.
وبدأت التساؤلات ماذا هم فاعلون؟ هل سيغلبون يهوديتهم على مصريتهم أم العكس؟هل هم مصريون ولكن يهود أم يهود ولكن مصريون؟
ويعد يوسف أصلان قطاوي أول يهودي مصري يعين بالبرلمان عام 1914 ثم وزيرا للمالية عام 1924 في عهد الملك فؤاد.
على الصعيد الاقتصادي ، أسس اليهود وساهموا في تأسيس عدد 103 شركة من مجموع الشركات الاقتصادية العاملة في مصر والبالغ عددها 308 شركة خلال أربعينات القرن الماضي ، وهي السنوات التي بلغ فيها العداء لليهود ذروته في جميع البلاد الأوروبية، مما يدل علي أنهم كانوا ينعمون في مصر بما لم ينعموا به في أي بلد آخر من بلاد العالم.
الصهاينة في الملعب
من خلال هذه الأندية انخرط اليهود في النشاط الرياضي، حتى أن بعضهم مثّل مصر في بعض المسابقات الرياضية الدولية، مثل سلفاتور شيكوريل الذي كان بطل مصر في لعبة الشيش (سيف المبارزة) والذي مثل مصر في دورة الألعاب الأولمبية عام 1928، وحصل فريق نادي المكابي اليهودي على بطولة مصر في كرة السلة، كما حقق إيزاك أميل بطولة مصر في الملاكمة، أما كوهين نجار فكان صاحب البطولات في لعبة التنس
وتركزت في مصر بقوة الصحف ومراكز الإعلام الصهيوني، ففي عام 1919 أسس د.ألبرت موصيري مجلة "إسرائيل" بثلاث لغات (الفرنسية والعبرية والعربية)، وكانت صهيونية الاتجاهات والميول بشكل واضح حتى توقفت عن الصدور باللغة العبرية عام 1934، فأصدر يعقوب مالكي رئيس تحرير النسخة العربية منها صحيفة جديدة باسم "الشمس" لتعبر عن وجهة نظر الطائفة اليهودية في مجريات الأحداث في الشارع المصري، وكانت تحاول التوفيق بين المشروع الصهيوني وتطلعات وأهداف الحركة الوطنية في مصر في محاولة لإيجاد نقطة التقاء بين التيارين.
يهود لفن
فنجد راقية إبراهيم – واسمها الحقيقي راشيل ليفي - والتي كانت نجمة السينما الأولي في مصر تهاجر إلي أمريكا لتعمل في الوفد الإسرائيلي بالأمم المتحدة، ثم تفتتح بوتيكا لبيع التحف الشرقية التي تستوردها من إسرائيل والهند، رغم أنها في مصر كانت تنعم بالشهرة والمال والمجد بعد أن كانت مجرد خياطة في حي السكاكيني الفقير.
أما كاميليا – واسمها الحقيقي ليليان ليفي كوهين- فقد احتار بشأنها مؤرخو الفن حول كونها مسيحية أم يهودية، وبريطانية أم مصرية، وكونها جاسوسة وعميلة للموساد الإسرائيلي.
على عكس النماذج السابقة ممن غلبوا يهوديتهم على مصريتهم، ومنهم علي سبيل المثال ليلي مراد، التي عرفها الجميع أنها مطربة يهودية الديانة مصرية الجنسية، وفي عام 1946 أشهرت إسلامها حينما تزوجت أنور وجدي، لكي تثبت أنها اختارت التحول إلي الإسلام عن قناعة وليس لمجرد الزواج من رجل مسلم، غنت أشهر الأغنيات الدينية في الأربعينات، وأشهرها أغنية (يا رايحين للنبي الغالي).
ومع الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ترقب الجميع موقف ليلي مراد ومع من ستكون، لتختار أن تكون مع مصر وفلسطين، وظهرت في فيلم "شادية الوادي" الذي يستعرض قضية فلسطين؛ ولم تكتف بذلك فأنتجت فيلم "الحياة حب" لتؤكد موقفها من القضية الفلسطينية، حيث قامت بدور ممرضه لرعاية الضباط الجرحى العائدين من حرب فلسطين، لتؤكد أنها مصرية عربية قبل أن تكون يهودية