سرطان الثدي فتيّ وفتاك لدى النساء العربيات

يصيب سرطان الثدي النساء العربيات في عمر صغير ويكون فتاكا وقاتلاً وللحديث عن الموضوع باسهاب التقت مراسلتنا سجى الكيلاني الدكتور ريمون منسة أخصائي جراحة ومدير مركز صحة الثدي في مستشفى العائلة المقدسة في الناصرة، واجرت معه هذه المقابلة الشيقة.

عائلتي: تشير الإحصائيات الأخيرة إلى ارتفاع عدد مصابات سرطان الثدي خاصة لدى النساء العربيات، كيف تفسر ذلك؟

الدكتور منسة: في البداية يجب أن نعلم أن الإحصائيات لم تأت لتخويفنا، إنما من اجل مساعدتنا على المواجهة. وتشير الإحصائيات اليوم أن امرأة يهودية واحدة من بين 8-9 نساء يهوديات مرشحة لأن تمرض على مدار سنوات حياتها بمرض السرطان، أما بالنسبة للنساء العربيات فقد حصل تغيير خلال السنوات العشر الأخيرة وهو تغيير قد يكون سببه زيادة الوعي، الكشف المبكر، أو زيادة عدد المصابات بالمرض، ففي عام 1998 كانت إمرأه عربية من كل 40 امرأة( بالمعدل) تصاب بمرض السرطان اما اليوم فإن من بين 20 امرأة عربية امرأة واحدة مرشحة للإصابة بالمرض على مدار سنوات حياتها.

والمثير للاهتمام في سرطان الثدي لدى النساء العربيات، وقد أشرت له في سنوات سابقة وذلك من خلال عدة أبحاث، هو أن سرطان الثدي لدى المرأة العربية يظهر في عمر مبكر وفتي، ففي حين ان معدل عمر المرأة اليهودية عندما تصاب بالسرطان يكون بين 60 و65 عاماً فإن معدل اصابة المرأه العربية بمرض السرطان يكون في عمر 52 عاماً، مما يعني ان مرض السرطان لدى المرأة العربية يكون فتيا أي تصاب به المرأة في عمر أصغر!

عائلتي: ما هي أهمية الاكتشاف المبكر لمرض السرطان؟

الدكتور منسة: سر معالجة السرطان هو في الاكتشاف المبكر عن المرض بواسطة الفحص اليدوي، وحسب قانون وزارة الصحة تبدأ الصورة الأولى للفحص في سن الخمسين، لكن كثيرا من النساء أساءوا فهم الموضوع، إذ أن هذا لا يعني أن الفحص يبدأ في عمر الخمسين، خاصة وإن عشرات بل ومئات الإصابات تحصل قبل عمر الخمسين. حيث سجلت اصغر إصابة سرطان في البلاد لدىامرأة عربية في سن الـ 19 عاماً لذلك فإن الاكتشاف المبكر وبداية الفحص الذاتي مع الفحص السريري العيادي اليدوي عند الطبيب المختص يكون قبل الصورة الأولى.

عائلتي: متى يجب التوجه الى الطبيب المختص؟

الدكتور منسة: مفضل زيارة الطبيب المختص كل ستة أشهر بعد سن 23 عاما.

ان الفحص الذاتي لوحده لا يكفي، لأن السرطان لدى المرأة العربية يظهر في سن فتيّ ويكون فتاكا أكثر، كما ذكر آنفا، لذلك يكون الفحص الذاتي لدى المرأة مرة بالشهر وفي اليوم العاشر للدورة الشهرية حيث يكون الثدي بأفضل حالاته من خلال الأوضاع والهرمون، فعند ظهور أي تغير بالشكل من خلال النظر او اللمس يجب التوجه حالا للطبيب.

عائلتي: كيف تتجاوب النساء العربيات مع الفحوصات الخاصة بالكشف عن مرض السرطان؟

الدكتور منسة: اليوم نستطيع أن نقول بفضل الأبحاث والتوعية ان هناك تجاوباً في السنوات الأخيرة بهذا المجال من قبل المرأة العربية.

عائلتي: ما هي العلاجات المتوفرة لمرض السرطان؟

الدكتور منسة: تتوفر اليوم العديد من الأدوية والعلاجات المختلفة، لكنها تكون بدون فائدة بعد الاكتشاف المتأخر عن المرض، غير أنها قد تعمل على تأخير فتك السرطان في الجسم مما قد يسمح للمرأة للعيش 6 أشهر أو أكثر، ولكن هذا لا يكفينا لأننا نسعى للوصول الى علاج ما فوق 90% من الحالات وهذا يكون إذا اكتشف السرطان مابين درجات 0 – 1، وهي الدرجات الملموسة بالنظر واللمس وصور الأشعة.

عندما يتم الكشف عن السرطان في مرحلة مبكرة فإن ذلك يعني ان نسبة شفاء المصابة تصل إلى 96%، وكل إمرأه يتم الكشف عن السرطان بصور الاشعة في مرحلة مبكرة فإن ذلك يعني ارتفاع نسبة التعمير المستقبلي وهي ما تعرف باسم البروجنوزا وهي 5 سنوات بقاء بعد الإصابة بالمرض، أما في الوضع المتقدم فتنخفض نسبة التعمير.

اما علاج الخيموترابيا( الكيماوي) فيتعلق بكبر ووضع الغدد الليمفاوية تحت الإبطين، واذا كانت الغدد غير مصابة فلا نحتاج لها.

وهناك العلاج بالأشعة، حيث اننا اليوم استغنينا عن الاستئصال الكلي بالجزئي وهو ما يعتبر تقدما كبيرا لأنه يتم التعامل مع كل" درنة"كتلة بدون جرح الثدي، وليست كل درنة هي سرطانية، من كل 15 درنة بالثدي فإن واحدة فقط سرطانية.

وهناك العلاج بالهرمون التروبيا وهي حبوب مضادة للهرمون.

عائلتي: ما هو تأثير العلاج؟

الدكتور منسة: الخيموترابيا ( لا يوجد جراحة تؤكد استئصال جميع الخلايا السرطانية 100 %) لذلك هذا العلاج يهاجم خلايا السرطان إذا وجدت بالجسم، والمقابل يهاجم خلايا سليمة حساسة لكنه ثمن راجع، حيث يصيب عدد من الخلايا الحساسة مثل الشعر، الجلد و المعدة وما الى ذلك، وهذه الأمور بعد انتهاء العلاج تعيد بناء نفسها.

اما العلاج بالأشعة فقد يسبب بعض الحروق والعلاج في الهرمونات يمكن أن يؤثر خاصة فيما يتعلق بالإخصاب.

عائلتي: ما هي أسباب الإصابة بمرض سرطان الثدي؟

الدكتور منسة: لا يوجد معادله واضحة بسرطان الثدي أي لا يوجد سبب رئيس، يوجد اجتهاد بمعرفة كثير من الأسباب التي تكررت بتحليل المرأة المصابة:
• تقدم الجيل.

• المرأة المصابة بسرطان اخر بجسمها مرشحة أكثر للإصابة بسرطان الثدي.

• المرأة التي أصيبت سابقا.

• المورثات BRC1 BRC2، وهي مجموعة الخطر الزائد حيث ان وجود إمرأه بالعائلة من طرف الام أو الاب مصابة بالسرطان فتكون المرأة مرشحة اكثر أن تصاب بهذا المرض، وهنا أنا متأكد تقريباً رغم أن الأبحاث لم تؤكد ذلك، أن هناك عامل وراثي عند المرأة العربية لذلك نرى أكثر من إصابة بالعائلة الواحدة.

• التعرض للهرمونات النسائية على انواعها، الوصول الى جيل البلوغ بجيل مبكر أن تحضر الأنثى الدورة الشهرية في سن مبكر، كذلك استمرار الدورة الشهرية في سن متقدم، كذلك تعاطي هرمونات معوضة، كلها قد تؤدي الى السرطان.

• حبوب منع الحمل

• الانجاب في سن متأخرة.

• الزواج المتأخر( ليس معناه نتزوج مبكرا جدا)

• تأخير الحمل والإنجاب.

• السمنة تلعب دورا بارزاً في الإصابة.

• تناول الكحول

عائلتي: كلمة أخيرة تريد ان توجهها للمرأة العربية؟

الدكتور منسة: التعامل مع سرطان الثدي كمرض يومي، أن نواجه كلمة سرطان مواجهة جريئة لأنه مرض موجود بيننا في كل بيت وفي كل شارع، علينا الا نتستر عليه واخفاء رأسنا مثل النعامة.

يجب التمييز بين صورة الثدي وبين فحص الثدي (ليس في سن الـ 50) والفحص السريري عند الطبيب المختص. صور الأشعة، صور الميموغراف تكون للنساء ما فوق سن الثلاثين، اولترا ساوند تحت سن الثلاثين، الحمل والرضاعة تستر من ورائها الثدي لذلك مهم أن تجري المرأة فحوصات بكثرة في هذه الفترة .

**الجدير بالذكر ان مركز صحة الثدي هو حلم تم تحقيقه كفكرة بدأت عام 1995 وتأسس بشكل رسمي في عام 2003 ويعنى بالتوعية والتشخيص لسكان الناصرة وقضائها يهودا وعربا.